مقدمة:
عند الحديث عن جبال الامارات وأهم الأنشطة التي يمكنك القيام بها أثناء زيارتها، لا بد من التطرّق لموضوع أشهر جبال أبوظبي، ألا وهو جبل حفيت الشهير بالأنشطة الممتعة والمغامرات التي لا تُنسى، والذي يبلغ ارتفاعه 1,249 متر، وهو ثاني أعلى جبل في الامارات والأعلى في أبوظبي ومدينة العين، كما يعتبر أيضاً جزءاً من سلسلة جبال الحجر الشهيرة في الإمارة. سنسلّط الضوء في مقالنا لهذا اليوم على منتزه جبل حفيت الصحراوي الذي يعتبر من أشهر المنتزهات في منطقة العين، وأهم المعلومات عنه.
تاريخ:
حقبة العصر الحجري الحديث:
أثناء معظم فترات حقبة العصر الحجري الحديث (من عام 8000 إلى عام 4000 قبل الميلاد)، كانت الرياح الموسمية للمحيط الهندي تهبّ شمالاً، مما أدى إلى تغيّر المناخ في المنطقة، بسبب هطول الأمطار الغزيرة وتشكّل البحيرات في الأماكن التي توجد فيها الصحاري الآن وهو ما دفع السكان الرُحل في المنطقة إلى النزوح الداخلي، والتنقل بين عدة أماكن مع قطعانهم من الأغنام والماشية والماعز، وفي فترة لاحقة انتقلوا واستقروا في الساحل بين الأعوام 4000 إلى 3000 قبل الميلاد. كان جبل حفيت موقعًا مهمًا بالنسبة لهم، حيث استفاد سكّانها من صخوره الصلبة عبر تحويلها إلى أدوات ورؤوس سهام.
العصران البرونزي والحديدي:
شهدت بداية العصر البرونزي (3,000 سنة قبل الميلاد) حياة رعوية بدوية بين قاطنيها. ومع ذلك، تعتبر المدافن المحيطة بالجبل، إلى جانب المكتشفات التاريخية في منطقة هيلي 8، مصادر رئيسية لاكتشافات أثرية تُظهر علامات بداية الاستقرار وممارسة الزراعة مع مرور السنين في نمط حياة السكّان القدامى.
وكان المجتمع المحلّي يزرع القمح والشعير ونخيل التمر، ويرعى الحيوانات مثل الأغنام والماعز والماشية. وخلال تلك الفترة، أصبحت التجارة مع المنطقة الجنوبية من بلاد الرافدين مهمة للغاية، حيث أصبح قاطنو المنطقة من كبار منتجي النحاس، مما جعله أحد الصادرات الرئيسية في البلاد، إلى جانب صناعة الخزف المحلية التي كانت في بداياتها آنذاك. ويبدو أن مركز المجتمع في العين كان يتركّز حول منطقة الهيلي، حيث كانت هناك العديد من المقابر الكبيرة والحصون الطينية، فظلّ الجبل نقطة محورية للنشاط طوال الألفية
أما العصر الحديدي (من عام 1300 – 300 قبل الميلاد) فشهد تطورّ الري بنظام الأفلاج والتوسع المتسارع في جميع أنحاء منطقة العين. وتظهر المكتشفات الأثرية في جبل حفيت عودة السكّان القدامى إلى استخدام مدافن العصر البرونزي لدفن موتاهم، والتي يبدو أنها كانت إحدى الممارسات الشائعة في جميع أنحاء الإمارات.
التاريخ الحديث:
على الرغم من شحّ الأدلة الأثرية على وجود تجمعات سكانية حول أراضي المنتزه في القرون التي سبقت دخول الإسلام إلى دولة الإمارات والفترة التي تلتها، إلا أن السجلات التاريخية تكشف عن ذكر جبل حفيت على مر القرون كأحد الأماكن المهمة في هذا الجزء من شبه الجزيرة العربية.
وتظهر السجلات بأن قرية مزيد التي تقع جنوب منتزه جبل حفيت الصحراوي بدت وكأنها كانت مستوطنة مهمة في آخر 200 عام، حيث توجد آثار مطبخ ومبانٍ أخرى جنوب قلعة مزيد ودليل على وجود فلج يمر عبر الموقع الأثري، ولعله كان مصدر الريّ لزراعة نخيل المنطقة في ذلك الحين. وتوسعت المستوطنة حول منطقة مَزيد مع ازدهار مدينة العين المجاورة، حيث بُني عدد من المباني التاريخية الهامة للدفاع عن الطرق الرئيسية لمدينة العين خلال ذلك الوقت، وكانت القلعة في موقع مَزيد هي أكبر تلك المباني والتي تقع في الطرف الجنوبي لجبل حفيت، ولعلّها بُنيت في حوالي تسعينيات القرن التاسع عشر.
وقد مرّت القلعة بعدة مراحل من التعديلات والإضافات، بما في ذلك بناء الأبراج، وفي الآونة الأخيرة، كانت تُعتبر بمثابة نقطة للشرطة الحدودية بين الإمارات العربية المتحدة وسلطنة عُمان، بينما أصبحت الآن شاهداً يذكّرنا بأهمية جبل حفيت كموقع استراتيجي في منطقة العين.
وتعتبر البقايا الأثرية والتاريخية في منتزه جبل حفيت الصحراوي شواهد مهمّة على أن المنطقة كانت موطناً للبشر الذين اتخذوا منها مسكناً ومكاناً لمزاولة الأنشطة خلال الثمانية آلاف عام الماضية. وبينما يتغيّر المناخ والسكان حول الجبل، إلا أن هذه البقايا الأثرية تبقى شاهدة على التحولات في الاقتصاد المحلي والإقليمي والعالمي.
وما من شكّ بأن البحث الأثري المتواصل سيكشف عن المزيد من الأدلة على هذا التاريخ الفريد وسيجيب على العديد من علامات الاستفهام التي لا تزال تعتري فهمنا لمجريات الآلاف من السنين الماضية.
أنشطة في منتزه جبل حفيت:
- الاستمتاع بمشاهدة المواقع الأثرية من المقابر القديمة والقطع الأثرية التي يبلغ عمرها آلاف السنين، والتي تعطي فكرة واضحة عن ملامح طبيعة حياة الإنسان قديماً في هذه المنطقة.
- المشاركة في الجولات المتوفّرة طوال اليوم حول المناظر الطبيعية في المنتزه، سواء سيراً على الأقدام أو برفقة مرشد سياحي.
- ركوب الدراجات أو المشي في مسارات التنزه.
- ركوب الخيول والجِمال.
- الاستراحة وتناول ألذ الوجبات تحت مظلات المنتزة الواسعة والمرفقة بمقاعد مريحة مُحاطة بالمناظر الطبيعية.
- التخييم في موقع المخيم العام لقضاء ليلة تحت ضوء النجوم في خيمة تقليدية أو خيمة فاخرة، كما يمكن أيضاً إحضار معدات التخييم الخاصة ونصبها في الموقع.
مقطع فيديو:
الموقع على الخريطة: